أريد أن أحقق إنجازا بعيدا عن تربية الأولاد والبيت؟!

أريد أن أحقق إنجازا بعيدا عن تربية الأولاد والبيت؟!

أريد أن أحقق إنجازا بعيدا عن تربية الأولاد والبيت؟!

مؤخرا لاحظت سؤالا يتكرر في المجموعات النسائية ومن الأمهات تحديدا عن كيفية صناعة إنجازٍ أو نجاحٍ خاص بهن فقط بعيدا عن التربية والأبناء وما يلحقهما…

أولا: ما هو الانجاز؟ هل هو شيء مادي ملموس أم معنوي أم كلاهما؟

من الظلم حصر الإنجاز بأعمال معينة دون غيرها، في زمن رُسم فيه النجاح ضمن قوالب استعراضية تٌبرز أشخاصا دون غيرهم وتصورهم كأبطال سينمائيين، مما يورّث بقية الجماهير حسرة في قلوبهم لعدم مقدرتهم على مجاراتهم أو حتى الوصول إلى جزء مما وصلوا إليه، خاصة في بعض البلدان التي فقد الناس فيها أبسط مقومات الحياة وأصبح إنجازهم اليومي هو محاولتهم العيش كالبشر الطبيعيين…

حين نتحدث عن الإنجاز أو النجاح يجب علينا إعادة تعريفه من منظور أبعد قليلًا عما اعتدنا عليه حتى يصبح أكثر شمولًا وتحقيقا لمعناه الحقيقي..

بدايةً كلٌّ مُيَسَّر لما خُلِقَ له، وما تنجزه فلانة بحكم ظرفها ليس من الضروري أن تنجزه الأخرى، فلولا الاختلاف والتنوع لما عمرت الأرض بأعمال سكانها ولاختلَّ توازنها..

وحتى تتم صياغة التعريف بدقة يجب أن نطرح بعض الأسئلة على أنفسنا ثمَّ نجيب عليها بشفافية وصدق..

مثلا:

– ماهي الرسالة التي يسّرَني ربي لتأديتها؟

– ماهي مسؤولياتنا في هذه الدنيا؟

– عمن سنُسْأل يوم القيامة ؟

– ماهي احتياجاتنا الخاصة؟

-هل ما نطمح له أو نتمناه يتناسب مع إمكانياتنا وواقعنا؟

إجابتنا على هذه الأسئلة ستوجهنا تلقائيا لإتقان ما هو مطلوب منا في دنيانا، ومع مرور الوقت سيُنتِج هذا الإتقان نجاحًا على المدى البعيد يُحسب لنا في الدنيا والآخرة بإذن الله…

ولو حاولنا الإجابة -معشرَ الأمهات- على هذه الأسئلة سنجدها مختلفة عما يتم الترويج له في عالم ابحث عن شغفك وما شابه من الكلمات الدعائية التي غالبا ما نضعها في غير سياقها، وتضرنا تعميماتها أكثر مما تنفعنا…

في الحقيقة نحن نؤمن بأنّ الله سيسألنا عن رعيتنا لأبنائنا وتأدية أمانة التربية فيهم، ومسؤوليتنا كأمهات ليست للرعاية المادية فقط من مأكل ومشرب وتنظيف وغيره (فهذه رعاية حتى الحيوانات تقوم بها)، وإنّما سيسألنا ربنا عن غرس الأفكار والمبادئ الصحيحة ومتابعتهم باستمرار ليستقيم سلوكهم عليها (وهذه هي التربية).

ولو لاحظنا أغلب مشاكل الناس النفسية كانت بدايتها تشوه الفكرة أو الأفكار، ومع الوقت تطور الموضوع ووصل لمرحلة لا يجدي معها الإصلاح الذاتي حتى يتطلب تدخُلًا عِلاجِيًّا مِن المُختصين، كذلك حماية فطرتهم وفكرهم في زمن الفتن المُرعِبة، والسعي لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تصلهم من كل حدب وصوب (في زمن السوشيال ميديا والمصادر المفتوحة) …

وبالتأكيد يجب ألّا نتجاهل احتياجاتنا الخاصة، لكن من غير أن نفقد التسلسل بالأولويات، فأنفسنا لها حقٌ علينا ومن واجبنا شغلها بالمفيد وباب الابداع مفتوح ومتنوع، فقط علينا معرفة نقاط قوتنا ومهارتنا والعمل على تنميتها وتطويرها… وأنت تظنين أن هذا لا مجال له في عالم تربية الأولاد، مع أنَّ هذا المجال يتسع كمًّا هائلًا من الإبداع يمكن أن يستغرق حياة الإنسان، ويشعره في كل مرحلة بأعظم مشاعر الفرح بالإنجازات…

وليس الأمر محصورا بالشهادات والوظائف وبالذات لمن أغناها الله عن ذلك، ولمن تتطلع لذلك أذكرك بأنّ التعليم لم يعد كالسابق محصورًا بأماكن محددة، فخيار “عن بعد” سواءً للتعلُّم أو العمل متاحٌ لكل من صعب عليها الخروج من منزلها، مع التنويه بأن الأطفال سيكبرون يومًا ما وستجِد الأم متسعًا من الوقت لتدارك ما تظن أنه فاتها، وبإمكانها البدء بالتدرج لتحقق ما تطمح إليه من غير أن تفرٍّط بحق نفسها واستقرار عائلتها… فذلك هو الهدف الأهم والنجاح الأعظم والرصيد الأنفع للمستقبل… دمتم بخير.

0

تقييم المستخدمون: 3.68 ( 3 أصوات)

اترك رد