حكم مس وقراءة القرآن للجنب والحائض والنفساء

فقه - حكم مس وقراءة القرآن للجنب والحائض والنفساء

بقلم: الشيخ خليل غاوي

📊 بداية يجب التفريق بين ثلاث مسائل:

1⃣ *قراءة القرآن في القلب دون إحداث أي صوت أوهمس* وهذا يسمى إمرار القرآن على القلب وهذا لا يحرم بحال بل هو جائز على كل حال بلا خلاف للجنب وللحائض والنفساء، لأن الفقهاء لا يعدون ذلك قراءة، ولذا لا تصح به الصلاة، فالقراءة لا تكون قراءة إلا إذا سمعك من يضع أذنه قريبا من فمك.

2⃣ *مس المصحف وحمله* سواء قرأ أم لم يقرأ فهذا حرام والخلاف فيه غير معتبر بدليل:

🔹 قوله تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة : ٧٩] 🔹 ما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى أهل اليمن وفيه : ” ألا يمس القرآن إلا طاهر ” رواه مالك [ج١ص١٩٩] والنسائي [ج٨ ص٥٧] قال الحافظ ابن حجر : وقد صحّح الحديثَ جماعةٌ من الأئمة من حيث الشهرة.
وقال الشافعي : ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عبدالبر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة.اهـ

3⃣ *قراءة القرآن دون مس القرآن ولا حمله*؛ بأن تكون غيباً، أو من المصحف لكن يستعين بآخر أو بأداة في تقليب المصحف، أو تكون من الكمبيوتر أو من الموبايل؛ فهذه كلها تصح من المحدث حدثاً أصغر، ولا تصح من الجُنُب.
أما الحائض والنفساء فقد اختلف فيهما العلماء على رأيين:
📌 *التحريم* : وهو رأي الجمهور.
📌 *الإباحة:* وهو مذهب مالك، ورواية عن أحمد، وبه قال البخاري والطبري وابن المنذر وابن حزم، ورجحه ابن تيمية والشوكاني.

*أهم أدلة المانعين حديثان:*

⚠ حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن” رواه الترمذي (١٣١) وابن ماجه (٥٩٥) *وهو حديث ضعيف،* وانظر للتأكد : نصب الراية[ج١ ص١٩٥] والتلخيص الحبير [ج١ ص١٨٣].

⚠ حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة ”
[رواه أبو داود (٢٢٩) والترمذي (١٣١) وابن ماجه (٥٩٤) وأحمد (١٠١١)] قال الترمذي : “حديث حسن صحيح” ، وقال الحافظ في “الفتح” ١/ ٤٠٨: “والحق أنه من قبيل الحسن يصلُح للحجة”، وصححه الذهبي في تعليقه على المستدرك.

☝ وهذا الحديث كما هو واضح ينص على أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يمتنع عن قراءة القرآن إذا كان جُنبا أمّا الحائض والنفساء فقد قاسهما على الجُنبِ المانعون.

*رد المجيزين*
١_ هذه الصيغة لا تدل على التحريم، وبما أنها لم تقترن بنهي قولي فنحملها على الكراهة فقط.
٢_ القياس في العبادات ممنوع، لأنها غير معللة.
٣_ هذا قياس مع الفارق:
📌 الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع متى أراد بالغُسلِ بخلاف الحائض.
📌 الحيض تطول مدته أياماً، بخلاف الجنب فإنه لحظات.

📖 وقَال *الْبُخَارِيُّ* في صحيحه [ج١ص٦٨]: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «لاَ بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ»، وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ «بِالقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا»، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. انتهى

📖 وقال *الحافظ ابن حجر* في الفتح عند ذكر الحديث السابق [١/ ٤٠٨ – ٤٠٩]: “في الاستدلال به نظر، لأنه فعل مجرد فلا يدل على تحريم ما عداه”.انتهى

*والخلاصة:*
1⃣ قراءة القرآن بالقلب دون صوت يسمعه صاحبه ليست بقراءة، ولا تحرم في أي حال.
2⃣ لا يجوز مس المصحف ولا حمله إلا لمن كان طاهراً من الحدَثَين، ويحرم مسه للحائض والنفساء، والخلاف فيه غير معتبر.
3⃣ قراءة القرآن (بصوت) دون مس المصحف مباحة إلا للجُنب، وهي جائزة للمحدث حدثاً أصغر وجائزة للحائض والنفساء.

وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

0

تقييم المستخدمون: 2.65 ( 2 أصوات)

اترك رد