09- التحرش الإلكتروني ورسالة إلى الأهالي

سلاسل توعوية - العنف الرقمي

سلسلة العنف الرقمي
التحرش الجنسي الإلكتروني

التحرش الإلكتروني ورسالة إلى الأهالي

( ج١ قصص وعِبر)

📧 تحدثنا في رسالتنا الأخيرة عن التحرش الجنسي الإلكتروني ودور الأهل، وذكرنا فيها خمس نقاط يجب حلها في واقعنا لتخفيف آثار هذه المشاكل…

📌 فبالإضافة إلى ضرورة وعي الأهل واتباعهم الأساليب المناسبة لتوعية الأبناء لتجاوز مشكلة التوعية، كان لدينا فكرتان مهمتان تتمحوران حول (غياب النصر الأسري للضحايا، وخوف الضحايا أصلا من طلب مساعدة الأهل)..

⬆️ وفي معظم الحالات المتأزمة كان هذان السببان الأساسيان لتفاقم المشكلة وتعرض الضحايا لأذية كبيرة، نفسية ومادية وأحيانًا جنسية وجسدية…

💬 وهنا قصص واقعية تصف هذه الحالة الإجتماعية:

🧕🏻تقول نيفين (أرملة في العشرينات):

🤰🏻 “كنت حاملا بعد وفاة زوجي بحادث سير، وتعرضت لمحنٍ كثيرة ساعدنا في تجاوزها زوج أختي، لأن والدي متوفي أيضًا، وقد كنا ننظر له وكأنه أحد إخوتي، فكان أحيان يتواصل معي على الوتسأب بمحادثات خاصة، وأذكر هنا أن معلمتنا في المسجد نصحتني بأن هذا ليس جيدًا وبأنّ “الألفة تبطِل الكلفة وتوصِل إلى ما لا يُحمَد عقباه بين الرجل والمرأة”…

🙅🏻‍♀ ولكني لم ألتفت لهذا، ولأن هذا لم يكن مقبولا في بيئتنا المحافظة لم أكن أخبر أمي بتواصله فبالتأكيد هذا سيزعج أختي ويُشعلُ غيرتها.

💁🏻‍♂ ثم أصبح يطلب مني عندما يكلمني أن أرسل (سمايل معيّن) إذا لم يكن بقربي أحد، فكنت أظن بأنّه يريد أن يحدثني أو يشتكي لي عن أمور خاصة تخص أختي، ثم ما لبث أن أصبح يلمح لي بتلميحات غير مناسبة من قبيل (لو عرفتك قبل أختك لاخترتك أنتِ… وشيء من هذا الكلام) ولما قاطعته ولم أعد أرد عليه، أصبح يلمح وكأنني أنا من كنت ألمِّح بهذه الفكرة له لكثرة محادثاتي معه، وبالذات مع فكرة ان يكون هذا بإشارة تدل على أنه ما من أحد بقربي، وشعرت وكأنه يريد ابتزازي ليصل لشيء لا أقبله… فأصابني كربٌ شديد وضائقة نفسية لم أستطع فيها اللجوء إلى أمي ولا إخوتي خشية ردة فعلهم العنيفة التي قد تطولني والتي قد تتسبب بخراب بيت أختي ايضًا…

✋🏻 ولكني أخذت موقفًا قويا وحظرته من كل وسائل التواصل، وقلت لو أراد شيئا فليكلم أمي، وصرت لا أزورهم إلا نادرًا، ثم لظروف عمله اضطر للانتقال إلى منطقةٍ أخرى، وهنا ارتحت قليلا من كابوسٍ على صدري، ألوم فيه نفسي أولًا (لأنني تماديت ولأنني لم أخبر أمي أولا بأول عن تواصلاته فهذا كان سيمنعه من التمادي).

🥺 ولكنني في داخلي أيضًا ألوم أمي التي كانت شديدةً معنا طيلة حياتها، متشنجةً في كل ردّات أفعالها، ولذلك لم أستطع يومًا أن أجد عندها ملاذًا آمنًا ألجأ إليه عند الشدائد!!”.

💔 قصَة واقعية أخرى:

🙍🏼‍♀ فرح فتاة متزوجة في الثلاثينات، تعمل موظفة في احدى المؤسسات، حدثتنا أيضًا عن تجربة لا تقل سوءًا، ذكرت لنا فيها قيام أحد الموظفين معهم بمحاولات تحرش إلكتروني مع أكثر من موظفة، ومعظمهنّ متزوجات!!

🤦🏼‍♀ تقول فرح: “لا أدري إن كان يفعل ذلك لأنّه يعلم بأننا في بيئةٍ اجتماعية تجعل المتزوجة لا تتجرأ على أن تُفصِح عما يحدث معها خشية ردة فعل زوجها، أو لأنه يتوقع أن وصوله لغاياته القذرة قد يكون أسهل مع المتزوجات من البنات!!”

🤷🏼‍♀ أكملت قائلة: “لم تكن لدي الثقة الكافية لكي أخبر زوجي، هو يثق بي، ولكني خشيت ردة فعله العنيفة، ولم أرد أن يقع في المشاكل… ولكنني استطعت أن أقنع صديقتي التي أخبرتني بنفس الأمر بأن نذهب كلانا عند مدير المؤسسة وهو رجل محترم عاقل يخاف على سمعة مؤسسته، وأريناه الأدلة والمحادثات، واتخذ هو الاجراء المناسب وفصَل ذاك الموظف، وهدده برفع الملف إلى الشرطة لو صدر منه أي ردة فعل، وارتحنا من شروره…
وفي الحقيقة لو لم نجد ظهرا يحمينا في هذا المدير المحترم لتعقدت مشكلتنا كثيرا أنا وصديقتي، وسبب تعقيدها أننا لا نشعر بما يكفي من الطمأنينة لنخبر أزواجنا وآباءنا بمعاناتنا ونطلب منهم العون، ودائما ما نخشى ردة الفعل المتشنجة منهم”.

⚠️ رسالةٌ إلى كل الأهالي نقول فيها: “بتشنجكم لا تحمون أولادكم وبناتكم وليس بالضرورة أنكم بهذا تردعونهم، ولكنكم في الحقيقة تخسرونهم وتدفعونهم إلى اللجوء لأناسٍ آخرين”…

 

التحرش الإلكتروني ورسالة إلى الأهالي ج٢

بناءً على ماذكرنا لابد بأننا غدونا مدرِكين حقيقةً مهمةً في التواصل مع أبنائنا خلاصتها:

📌 عندما يكون هناك اضطراب في العلاقة بين الأهل والأولاد، ويغيب جو الأمان والشعور بالحب المجاني تجاه الطفل والشاب (ذكورا وإناثًا) فهذا يجعل متابعة الأطفال والشباب أصعب…. إذ عندها يصبحون أميل للانغلاق على الذات والبحث عن مصادر أخرى للأمان والحب المفتقد.

📌 وإذا كان الطفل أو المراهق أو حتى الكبير محرومًا من الملجأ الآمن الذي يلوذ به ويطلب المساعدة منه عند المشاكل فهذا سيجعله أقل تحصينًا، وقد يجد الجاني في هذا بابًا لاستدراجه.

🙎🏻‍♀ كثير من الشابات والنساء والصغيرات، بسبب ما يعانينه من إهمال وتوتر وفراغ عاطفي في البيئة الأسرية، يصبحن أكثر قابلية للاستدراج من قبل المتحرشين كما وضحنا في الرسائل السابقة من هذه السلسلة…. وعندما يصلن إلى مرحلة الخطر يمتنعن عن طلب المساعدة بسبب غياب الشعور بالأمان تجاه الأهل!!

☝️ وبالطبع فإنَّ بناء علاقة آمنة مع الأطفال والشباب هي مسؤولية الأهل بالمطلق، ولا يلام الأبناء على الإطلاق في حال غيابها؛ هذه العلاقة تبدأ منذ الصغر، بتفهم أخطاء الطفل وإعطائه الشعور بالأمان.

👧🏻😱🧑🏻 ولهذا ترون جميعًا كيف أنّ أطفالَ الأمهات اللواتي يكثرن الصراخ والتوتر والانفعال والضرب في تربية أطفالهن… فهؤلاء الأطفال غالبًا ما يلجؤون للآخرين وقلَّما يتحدثون مع أهليهم عن مشاكلهم، وتستمر هذه العادة مع الأولاد حتى يكبروا.

🍂 ولهذا دائما ما نجد أنَّ المجتمعات المتزمِّتة والتي تظنُّ بأنها تحوط أطفالها بالرعاية والعناية، هي الأكثر تعرُّضًا لمصائب ناتجة عمليات التحرش التي يتمادى فيها المتحرِّشون لثقتهم بأنَّ الضحية لن تجرؤ على طلب المساعدة من أسرتها (الأبوين أو الإخوة أو حتى الزوج إذا كانت متزوجة)!!

✅ وخلاصة الكلام والتجارب التي عرضناها في الرسالة السابقة: إن أردتم سلامة بناتكم وأبنائكم (وكذلك أزواجكم وزوجاتكم) فلتكونوا ملجأً حصينًا أمينًا يلجؤون إليه ولا يخافون طلب العون منه، وللوصول إلى هذا:

  1. فلتعملوا دائما على تطمين أولادكم -ومن أنتم مسؤولون عنهم_ وإشعارهم بالأمان.
  2. حاولوا ضبط ردّات فعلكم وأنتم تسمعون مشاكلهم.
  3. أنصتوا لهم إلى النهاية وعودوهم ذلك وإياكم والاستعجال بإظهار الاستياء أو الغضب فهذا سيدفعهم إلى الخوف ولن يخبروكم بالتتمة.
  4. أشعروهم وأخبروهم بأنكم وجِدتُم لتساعدوهم لا لتقولبوهم بقوالبكم ولا لتفرضوا عليهم وجهات نظركم أو لتعاقبوهم حال مخالفتها!!
  5. أشركوهم البحث عن الحل، وراعوا فرق العمر والخبرة.
  6. لا تبتزوهم بما أخبروكم به، ولا تتحدثوا عن ذلك أمام غيركم، ولا تسخروا منهم.

🛡كونوا درعهم الحصين، لكي لا يستسلموا بسهولة للأشرار… دمتم بخير.

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك رد